المسكوت عنه فى الانتخابات البرلمانية

المسكوت عنه فى الانتخابات البرلمانية

أسس اختيار المرشحين لممثليهم لا علاقة لها بالتشريع والرقابة
الأولوية للمجاملات الاجتماعية ... والنواب تركوا مهامهم الأصلية واكتفوا بالخدمات الخاصة




تشهد الانتخابات البرلمانية الجارية تراجع فى تواجد العائلات السياسية القديمة فى معظم المناطق بمحافظات الصعيد فيما قد يمثل ظاهرة صحية ودليل على النمو الديمقراطى لولا أنه حل مكانها عصبية من نوع آخر هى التعصب للمكان .. ورغم ما يسببه التعصب أيا كان من ضبابية فى الرؤية وخلل فى الاختيار إلا أنه يجد تشجيعاً من البعض طالما تساقطت ثماره فى عباءتهم وجنى لهم الفوائد

العصبية للمكان أصبحت ظاهرة عامة فى انتخابات الصعيد تضاف فى عموميتها شبه الكاملة الى أسس اختيار الناخبين لمن يمثلونهم فى مجلس الشعب لاعتبارات لا علاقة لها بأصول العمل البرلمانى .. إنها الحقيقة المسكوت عنها فى العملية الانتخابية والتى تستحق أن تكون السبب الرئيسى فى التفكير الجاد فى تعديل النظام الانتخابى ليكون بالقائمة النسبية .. فمع ضعف الوعى بالدور الحقيقى لنائب البرلمان فى التشريع والرقابة .. نجد أن هناك خلطاً سائداً فى الأذهان بين مسئوليات النائب مع أدوار آخرين مثل أعضاء المجالس المحلية أو مشايخ البلاد وقضاة العرب وحتى المواطنين العاديين فى تبادلهم للواجبات الاجتماعية اليومية .. فالناخب غالبا لا يختار المرشح القادر على القيام بواجبات التشريع والرقابة .. ويفضل أن يعطى صوته لمن جامله فى فرح أو جنازة أو تواجد معه فى مشكلة خاصة .. بل أن الحوار بين الناخبين والنواب حول القضايا العامة يكاد يكون معدوماً حتى أن أحدهم اعتبرها إهانة حينما سأله أستاذ جامعى من ناخبيه عن برنامجه !
لذلك أصبح أكثر الأشخاص قدرة على كسب الانتخابات البرلمانية هم من يملكون الصبر والجلد والتفرغ الكامل لتأدية المجاملات الاجتماعية والتظاهر بقضاء المصالح الشخصية والتواجد فى المصالحات العائلية
ومن النادر أن يلجأ الناخب الى عضو مجلس الشعب من أجل قضية عامة .. وغالبا ما يبدأ البرنامج اليومى للنائب " المجد المستقيم" أثناء تواجده فى دائرته مبكراً جداً حيث يتوافد عليه أبناء الدائرة حاملين إليه طلباتهم الخاصة .. يدور معظمها حول توفير فرص العمل .. خلال هذا اللقاء اليومى يتعرف النائب على حالات الوفيات التى حدثت فى الدائرة .. ويخرج متجها الى مركز الشرطة للمساعدة فى حل المنازعات اليومية أو الى دواوين الحكومة للحصول على توقيعات المديرين على حصيلة اليوم من الطلبات أو للمرور للتعزية فيما وقع من جنازات .. وبعض الطلبات يحملها النائب معه الى جلسة مجلس الشعب حيث يحصل على توقيع الوزراء عليها .. وفى معظم الحالات تكون التوقيعات "سياسية" لأجل ترضية الخواطر .. غير قابلة للتنفيذ !
لذلك ليس مستغرباً أن يتهافت على انتخابات تجرى وفقا لهذه الأسس شخصيات تبحث فى معظمها عن هوية أو حصانة واستفادة شخصية .. وأصبح من النادر أن يفلت من هذا النظام شخصيات تدرك أهمية دورها النيابى قادرة على أدائه

لكن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن الصورة ليست سوداوية على هذا النحو وأن اللوم لا ينبغى أن يقع كله على الناخبين فى إشارة الى تجربة المستشار ممتاز نصار زعيم المعارضة فى مجلس الشعب فى حقبة السبعينيات من القرن الماضى .. كان ـ رحمه الله ـ يفوز بأغلبية ساحقة فى مركز البدارى رغم تواجده الدائم فى القاهرة بعيدا عن أهالى الدائرة ومصالحهم ومناسباتهم الخاصة .. لكن كل ناخب كان يشعر أنه هو الذى يتحدث تحت قبة البرلمان حينما يتحدث ممتاز نصار .. كان ضمير الناس وصوتهم فحملوه على الأعناق ورفعوه الى صفوف المجد
يقول هؤلاء أن المرشحين يقع عليهم عبىء الوصول الى الناس واقناعهم ببرامجهم وبشخوصهم وأنهم قادرون على التحدث بصوتهم بعيداً عن الخيانة أو المساومة

هناك تعليق واحد:

BlueMicha يقول...

أستاذ عمر
أرجو أن تعطيني رأيك في الموقع التالي www.FilBalad.com .. أري أنك متصفح جيد للإنترنت .. وهو شئ نادر في وسط الصحفيين وخاصة من تخطوا العشرينيات منهم..

عنوان بريدي هو may_elhosseiny@sarmady.net

للعلم أنا مدير مشروع لهذا الموقع

في انتظار ردك